responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 520
الْفُصْحَى فَقَوْلُهُ:
وَلا تَعْثَوْا بِوَزْنِ لَا تَرْضَوْا وَمَصْدَرُهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ بِوَزْنِ رِضًى وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَذَكَرَ لَهُ فِي «اللِّسَانِ» مَصَادِرَ الْعُثِيَّ وَالْعِثِيَّ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الثَّاءِ فِيهِمَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ فِيهِمَا، وَالْعَثَيَانَ بِفَتْحَتَيْنِ وَفِي لُغَةِ غَيْرِ أَهْلِ الْحِجَازِ عَثَا يَعْثُو مِثْلَ سَمَا يَسْمُو وَلَمْ يَقْرَأْ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ: وَلا تَعْثَوْا بِضَمِّ الثَّاءِ.
وَهُوَ أَشَدُّ الْفَسَادِ وَقِيلَ: هُوَ الْفَسَادُ مُطْلَقًا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَكُونُ مُفْسِدِينَ حَالًا مُؤَكِّدَةً لِعَامِلِهَا. وَفِي «الْكَشَّافِ» جَعَلَ مَعْنَى لَا تَعْثَوْا لَا تَتَمَادَوْا فِي فَسَادِكُمْ فَجَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الدَّوَامَ عَلَى الْفِعْلِ وَكَأَنَّهُ يَأْبَى صِحَّةَ الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ لِلْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ فَحَاوَلَ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ لَا تَعْثَوْا وَبَيْنَ مُفْسِدِينَ تَجَنُّبًا لِلتَّأْكِيدِ وَذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ لَكِن كَثِيرًا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ خَالَفَ ذَلِكَ، وَاخْتَارَ ابْنُ مَالِكٍ التَّفْصِيلَ فَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْحَالِ هُوَ مَعْنَى الْعَامِلِ جَعَلَهَا شَبِيهَةً بِالْمُؤَكِّدَةِ لِصَاحِبِهَا كَمَا هُنَا وَخَصَّ الْمُؤَكِّدَةَ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الِاسْمِيَّةِ نَحْوَ زَيْدٌ أَبُوكَ عَطُوفًا وَقَوْلِ سَالِمِ بْنِ دَارَةَ الْيَرْبُوعِيِّ:
أَنَا ابْنُ دَارَةَ مَعْرُوفًا بِهَا نَسَبِي ... وَهَلْ بِدَارَةَ يَا لَلنَّاسِ مِنْ عَارِ
[61]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (61)
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ
هِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ قَبْلَهَا بِأُسْلُوبٍ وَاحِدٍ، وَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ الْجُمَلُ قَبْلَهَا هُوَ مِنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ مَحْضَةً أَوْ مَخْلُوطَةً بِسُوءِ شُكْرِهِمْ وَبِتَرَتُّبِ النِّعْمَةِ عَلَى ذَلِكَ الصَّنِيعِ بِالْعَفْوِ وَنَحْوِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ نِعْمَةً أَيْضًا.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ حَيْرَةٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَيْهَا فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْفَخْرِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ هُوَ كَالْإِجَابَةِ لِمَا طَلَبُوهُ يَعْنِي وَالْإِجَابَةُ إِنْعَامٌ وَلَوْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى دُخُولِ قَرْيَةٍ مِنَ الْقُرَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا لِأَنَّ إِعْطَاءَهُمْ مَا سَأَلُوهُ لَمْ يَثْبُتْ وُقُوعُهُ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِي صَدَّرَ الْفَخْرُ بِنَقْلِهِ وَوَجَّهَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ أَنَّ سُؤَالَهُمْ تَعْوِيضَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى بِالْبَقْلِ وَنَحْوِهِ مَعْصِيَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ كَرَاهَةِ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِمْ إِذْ عَبَّرُوا عَنْ تَنَاوُلِهَاُُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست